M O V E | H E A T

اكسر قيد هواك

| 10 November 2008

الإنتصار على الهوى


لما عرف الصالحون قدر الحياة أماتوا فيها الهوى فعاشوا

انتهبوا بأكف الجد ما قد نثرته أيدي البطالين ثم تخيلوا القيامة فاحتقروا الأعمال فماتت قلوبهم بالمخافة فاشتاقت إليهم الجوامد فالجذع يحن إلى الرسول والجنة تشتاق إلى ‏"‏ علي ‏"‏‏.‏


كم شخص أشخصه الشوق إلى الحج يكاد مودع المواثيق قبل تقبيله يقبله فلما قضى الناسك المناسك ثم رجع بقي سهم الشوق إليه في قلب منى خواطرهم تراقب حدود الشرع وقلوبهم


وَقَفَ الهَوى بي حَيثُ أَنتَ فَلَيس لي مُتَقَدّمٌ عَنهُ وَلا مُتَأَخّرُ


أنفوا من مزاحمة الخلق في أسواق الهوى

وقوي شوقهم فلم يحتملوا حصر الدنيا

فخرجوا إلى فضاء العز في صحراء التقوى

وضربوا مخيم المجد في ساحة الهدى

وتخيروا شواطىء أنهار الصدق

فشرعوا فيها مشارع البكاء

وانفردوا بقلقهم فساعدهم ريم الفلا

وترنمت بلابل بلبالهم في ظلام الدجى

فلو رأيت حزينهم يتقلب على جمر الغضا‏.‏


فيا محصورا عنهم في حبس الجهل والمنى إن خرجت من سجنك لترويح شجنك من غم البلاء عرج بذلك الوادي‏.‏


تلمح القوم الوجود ففهموا المقصود فجمعوا الرحل قبل الرحيل وشمروا في سواء السبيل فالناس يخوضون في وحل الإكتساب وهم في ظل القناعة ومرض الهوى يستغيثون في مارستان البلاء وهم في قصور السلامة وكسالى البطالة على فراش التواني وهم في حلبات السباق ‏(يَرجونَ تِجارَةً لَن تَبور‏)‏ ,يجرون خيل العزائم في ميادين المبادرة, ويضربون الدنيا بصولجان الأنفة فما مضت إلا ايام حتى عبروا القنطرة وقد سلموا من المكس‏.‏


غناهم في قلوبهم ‏(سيماهُم في وُجوهِهِم‏)‏ ما ضرهم ما عزهم

أعقبهم ما سرهم

هان عليهم طول الطريق لعلمهم بشرف المقصد

وحلت لهم مرارات البلاء لتعجيل السلامة فيابشراهم يوم ‏(هَذا يُومُكُم‏)‏‏.


سَخِطنا عِندَما جَنَتِ اللَيالي فَما زالَت بِنا حَتى رَضينا

سِعدنا بِالوِصالِ وَكَم سُقينا بِكاساتِ النَعيمِ وَكَم شُقينا

فَمَن لَم يَحـيَ بَعدَ المَوتِ يَوماً فَـإِنّا بَـعدَ مَيتَـتِنا حَيِينا



ابن الجوزي

كتاب اللطائف


12 comments:

Anonymous said...

كلام رائع لأبن الجوزى..كان هذا الرجل يوعظ جماعات من الاف الناس فيبكون كلها جميعاً من قوة وعظه

رحمه الله رحمةً واسعة
اللهم اعنا على كسر قيد هوانا
امين

مصطفى محمود said...

آمين يارب

عسى أن تكون أستفدت منها

بوركت :)

حسن حنفى said...

جزاكم الله خيرا ويارب تاخد حسنات بقدر نيتك واكثر

TIMMY !! said...

جزاك الله خيرا يا مصطفى ..

رحم الله ابن الجوزي لكم كانت كلماته صائبة في تشخيص أدواء القلوب ..

جزاك الله خيرا

بالمناسبة .. عاوزين من النوع ده في مدونة رقائق .. إن شاء الله

مصطفى محمود said...

حسن حنفي

وجزاك مثله

بوركت :)

مصطفى محمود said...

timmy

جزاك الله مثله

وحمد لله على السلامة ياراجل

إن شاء الله في من دا كتير

تابعنا بس :)

hager said...

/*سَخِطنا عِندَما جَنَتِ اللَيالي فَما زالَت بِنا حَتى رَضينا

سِعدنا بِالوِصالِ وَكَم سُقينا بِكاساتِ النَعيمِ وَكَم شُقينا

فَمَن لَم يَحـيَ بَعدَ المَوتِ يَوماً فَـإِنّا بَـعدَ مَيتَـتِنا حَيِينا
*/

ابيات في قمه الروعه
شكراا ليك

مصطفى محمود said...

الشكر لله

أهلا وسهلا بيك يا هاجر
:)

Unknown said...

السلام عليكم
ورحمة الله تعالى وبركاته
ليس لمثلى أن يعلق على كلام ابن الجوزية فمن انا ومن هو
ولكنى اعلق على اختيارك
هذا بأنه اختيار جميل
نفعنا الله واياك والمسلمين
بهذا الكلام الطيب.

مصطفى محمود said...

norahaty
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

آمين يارب
بارك الله فيكِ

شكرا لمرورك الكريم

lOsT said...

ما أجمل كتبه ومواعظه وحكمه .. رحمه الله ورحم الله جميع موتى المسلمين

جزيت خيرا على الموضوع الطيب .. جعلها الله في ميزان حسناتك

مصطفى محمود said...

lOsT

وجزاك مثله

يارب تكوني استفدتي منها

تحيتي :)

Post a Comment

قول كلمتك ومتخافش :)